عرب وعالم

كوريا الجنوبية أمام خطر انخفاض السكان إلى النصف، ونساؤها لا يرغبن بالإنجاب

كوريا الجنوبية أمام خطر انخفاض السكان إلى النصف، ونساؤها لا يرغبن بالإنجاب

كوريا الجنوبية أمام خطر انخفاض السكان إلى النصف، ونساؤها لا يرغبن بالإنجابلدى كوريا الجنوبية أدنى معدل مواليد في العالم، والذي يستمر في الانخفاض كل عام
قبل 4 دقيقةتطهو ييجين الغداء لصديقاتها في شقتها، بعد ظهر يوم الثلاثاء الممطر، حيث تعيش بمفردها في ضواحي العاصمة سيول، عازبة سعيدة.أثناء تناول الطعام، تقوم إحداهن بسحب صورة قديمة لديناصور برسوم كرتونية على هاتفها، يقول الديناصور: “كن حذراً..لا تدع نفسك تنقرض مثلنا”.وتتعالى ضحكات جميع النساء الحاضرات.تقول ييجين، وهي منتجة تلفزيونية تبلغ من العمر 30 عاماً: “إنه أمر مضحك، لكنه مظلم، لأننا نعلم أنه يمكننا التسبب في انقراضنا”.لا تخطط هي ولا أي من صديقاتها لإنجاب أطفال، إنهن جزء من مجتمع يتوسع من النساء اللاتي يخترن حياة دون أطفال.ولدى كوريا الجنوبية أدنى معدل مواليد في العالم، ويستمر هذا المعدل في الانخفاض، متجاوزاً الرقم القياسي المنخفض بشكل مذهل عاماً بعد عام.وللحفاظ على العدد الحالي للسكان، يتعين على النساء إنجاب 2.1 طفل في المتوسط خلال حياتهن، لكن في 2023، استمر معدل الخصوبة في التراجع ليصل إلى 0.72، وفق ما أظهرت الأرقام الصادرة يوم الأربعاء.وإذا استمر هذا الاتجاه، فمن المتوقع أن ينخفض عدد سكان كوريا إلى النصف بحلول عام 2,100.”حالة طوارئ وطنية” على الصعيد العالمي، تشهد الدول المتقدمة انخفاضاً في معدلات المواليد، لكن لا يوجد شيء بهذه الطريقة المتطرفة كما حدث في كوريا الجنوبية، كما أن توقعاتها قاتمة.وفي غضون خمسين عاماً، سينخفض عدد الأشخاص في سن العمل إلى النصف، كما سيتقلص العدد المؤهل للمشاركة في الخدمة العسكرية الإلزامية في البلاد بنسبة 58%، وسوف يتجاوز عمر نصف السكان، 65 عاماً تقريباً.وهذا يحمل أنباء سيئة بالنسبة لاقتصاد البلاد، وصندوق معاشات التقاعد، والأمن، حتى إن الساسة أعلنوا أنها “حالة طوارئ وطنية”.وعلى مدار ما يقرب من 20 عاماً، أنفقت الحكومات المتعاقبة على هذه المشكلة بنحو 286 مليار دولار.ويحصل الأزواج الذين لديهم أطفال على أموال نقدية، من المخصصات الشهرية للإسكان المدعوم وسيارات الأجرة المجانية، ويتم تغطية فواتير المستشفى وحتى علاجات التلقيح الصناعي، ولكن فقط للمتزوجين.ولم تنجح مثل هذه الحوافز المالية، وهو الأمر الذي دفع الساسة إلى طرح المزيد من الحلول “الإبداعية”، مثل توظيف مربيات من جنوب شرق آسيا ودفع أجور لهن بأقل من الحد الأدنى للأجور، وإعفاء الرجال من الخدمة في الخدمة العسكرية إذا كان لديهم ثلاثة أطفال قبل بلوغهم سن الثلاثين.وليس غريبا، أن صناع السياسات يُتهمون بعدم الاستماع إلى الشباب – وخاصة النساء – بشأن احتياجاتهم.خلال العام الماضي، سافرنا في أنحاء البلاد، وتحدثنا إلى النساء لفهم الأسباب الكامنة وراء قرارهن بعدم إنجاب الأطفال.تقول ييجين إنها عالقة في “دورة العمل الدائمة”عندما قررت ييجين أن تعيش بمفردها في منتصف العشرينات من عمرها، تحدت الأعراف الاجتماعية في كوريا، -حيث تعتبر حياة العزوبية إلى حد كبير مرحلة مؤقتة في حياة الفرد-.ومنذ خمس سنوات، قررت عدم الزواج أو إنجاب الأطفال.وشرحت لي: “من الصعب العثور على رجل قابل للمواعدة في كوريا، يكون قادراً على تقاسم الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال على قدم المساواة.. كما أنه لا يتم الحكم أو معاملة النساء اللاتي ينجبن أطفالاً بمفردهن بشكل منصف”.في عام 2022، حدثت 2% فقط من الولادات في كوريا الجنوبية خارج إطار الزواج.”دورة عمل دائمة” بدلاً من ذلك، اختارت ييجين التركيز على حياتها المهنية في التلفزيون، الأمر الذي، كما تقول، لا يتيح لها الوقت الكافي لتربية طفل على أي حال، فمن المعروف أن ساعات العمل في كوريا طويلة.تعمل ييجين في وظيفة تقليدية من 9 إلى 6 مساءً (بالتوقيت المحلي) -عموما يعمل الناس في كوريا من 9 صباحا إلى 5 مساء- لكنها تقول إنها عادة لا تغادر المكتب حتى الساعة 8 مساءً، ويوجد عمل إضافي علاوة على ذلك. وبمجرد عودتها إلى المنزل، فلا يكون لديها سوى الوقت لتنظيف المنزل أو ممارسة الرياضة قبل النوم.وتقول: “أنا أحب عملي، فهو يجلب لي الكثير من الرضا، لكن العمل في كوريا أمر صعب، فأنت عالق في دائرة دائمة من العمل”.وتشير ييجين أن هناك أيضاً ضغوطاً للدراسة في أوقات فراغها، لتحسين أدائها في وظيفتها: “الكوريون لديهم عقلية مفادها أنه إذا لم تعمل بشكل مستمر على تحسين الذات، فسوف تتخلف عن الركب، وتصبح شخصاً فاشلاً، فالخوف من الفشل يجعلنا نعمل بجهد مضاعف”.وتضيف بشكل عرضي، كما لو كان هذا نشاطاً طبيعياً إلى حد ما في عطلة نهاية الأسبوع: “أحيانًا في عطلات نهاية الأسبوع، أذهب للحصول على التقطير الوريدي (تغذية طبية تُعطى في الوريد)، فقط للحصول على طاقة كافية للعودة إلى العمل يوم الإثنين”.كما أنها تتشارك نفس المخاوف مع كل امرأة تحدثتُ معها، وهي أنها إذا أخذت إجازة لإنجاب طفل، فقد لا تتمكن من العودة إلى العمل.وأكدت ييجين: “هناك ضغط ضمني من الشركات بأنه عندما يكون لدينا أطفال، يجب علينا ترك وظائفنا.. لقد شاهدتُ ما حدث لأختي ومقدمي الأخبار”.”أنا أعرف الكثير” قالت امرأة تبلغ من العمر 28 عاماً، تعمل في مجال الموارد البشرية، إنها رأت أشخاصاً أُجبروا على ترك وظائفهم أو تم تجاوزهم في الترقيات بعد أخذ إجازة أمومة، وهو ما كان كافياً لإقناعها بعدم إنجاب طفل أبداً.يحق لكل من الرجال والنساء الحصول على إجازة لمدة عام خلال السنوات الثماني الأولى من حياة طفلهم. لكن في عام 2022، استخدم 7% فقط من الآباء الجدد بعض إجازاتهم، مقارنة بـ 70% من الأمهات الجدد.تقول ستيلا إن أسلوب حياتها يجعل من المستحيل إنجاب الأطفالتُعد النساء الكوريات الأعلى تعليماً بين النساء في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومع ذلك فإن البلاد تعاني من أسوأ فجوة في الأجور بين الجنسين ونسبة أعلى من المتوسط من النساء العاطلات عن العمل مقارنة بالرجال.ويقول الباحثون إن هذا يثبت أنهن تعرضن للمقايضة، فإما أن يكون لديهن مهنة أو أن يكون لديهن عائلة. وعلى نحو متزايد، فإنهن يخترن المهنة.التقيت بستيلا شين التي تقوم بتدريس اللغة الإنجليزية للأطفال في سن الخامسة.وهمست قائلة: “انظري إلى الأطفال، إنهم لطيفون للغاية”. لكن ستيلا البالغة من العمر 39 عاماً ليس لديها أطفال، وتقول إنه لم يكن قراراً مدروسا.لقد كانت متزوجة منذ ست سنوات، وكانت هي وزوجها يرغبان في إنجاب طفل، لكنهما كانا مشغولين للغاية بالعمل والاستمتاع بوقتهما، مما أدى إلى ضياع الوقت. لقد تقبلت الآن أن أسلوب حياتها يجعل الأمر “مستحيلاً”.وقالت: “تحتاج الأمهات إلى ترك العمل لرعاية أطفالهن بدوام كامل خلال العامين الأولين، وهذا من شأنه أن يجعلني أشعر بالاكتئاب الشديد، أنا أحب مسيرتي المهنية وأعتني بنفسي”.في أوقات فراغها تحضر ستيلا دروس رقص “الكيبوب الكوري” مع مجموعة من النساء الأكبر سناً.هذا التوقع بأن تأخذ المرأة إجازة من العمل لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات عندما يكون لديها طفل هو أمر شائع بين النساء، وعندما سألت ستيلا عما إذا كان يمكنها تقاسم إجازة الأبوة مع زوجها، رمقتني بنظرة قوية.وقالت: “يشبه الأمر كما لو أنه يغسل الأطباق ويخطئ دائماً، لم أستطع الاعتماد عليه”.وحتى لو أرادت التخلي عن العمل، أو التوفيق بين الأسرة والحياة المهنية، فإنها أشارت أنها لا تستطيع تحمل ذلك لأن تكلفة السكن مرتفعة للغاية.جعلت تكلفة السكن من غير الممكن لكثير من الناس إنجاب الأطفاليعيش أكثر من نصف السكان في العاصمة سيول أو ضواحيها، حيث توجد الغالبية العظمى من الفرص، مما يخلق ضغطاً هائلاً على الشقق والموارد. وقد اضطرت ستيلا وزوجها للابتعاد…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر “إقرأ على الموقع الرسمي” أدناه

زر الذهاب إلى الأعلى