عرب وعالم

عاجل هشام توفيق وزير قطاع الأعمال السابق: بيع أصول مصر ليس خطأ وسداد الديون أولى من المشروعات

عاجل هشام توفيق وزير قطاع الأعمال السابق: بيع أصول مصر ليس خطأ وسداد الديون أولى من المشروعات

“البلد لن يقوم إلا بعد أن تتخلى الدولة عن معتقداتها الخطأ، إذ تعتقد أنها مخطط جيد والحقيقة أنها مدير سيء، ولا بد أن تبتعد عن إدارة الاقتصاد بصورة نهائية ليقتصر دورها على الإشراف والرقابة وحل الأزمات التي تواجه مجتمع الأعمال، على أن تترك الصناع والتجار ليديروا الاقتصاد بأنفسهم، ويمكنها التدخل فقط عند حدوث أزمات بين الاتحادات الخاصة التي تدير الاقتصاد أو مجتمع الأعمال أو عندما يتفشى فساد أو احتكار، وغير ذلك يجب أن تخرج الدولة من النشاط الاقتصادي تماماً”، هكذا بدأ وزير قطاع الأعمال العام السابق هشام توفيق أول حديث له بعد مغادرة منصبه في أغسطس (آب) 2022، بعد أن تقلد المنصب الوزاري في نفس الشهر من عام 2018.معارضة التغيير
وحول تجربة العمل في الحكومة، قال توفيق في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، إن “كم العمل داخل الحكومة المصرية كان هائلاً وثقيلاً، وتدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أدق التفاصيل كان أمراً مرعباً بالنسبة لي”.وأضاف “نجحت في تغيير مواد عدة في القوانين والتشريعات المنظمة لعمل شركات قطاع الأعمال العام، لكنني اصطدمت بقوى معارضة للتغيير داخل القطاع حتى يعمل هذا القطاع العام بعقلية القطاع الخاص، فعندما جلست مع رئيس الجمهورية ووافق على حل المشكلات العالقة، فوجئت بعد الجلسة بثلاثة أسابيع أنني خارج التشكيل الحكومي في أغسطس (آب) 2022″، قائلاً “لم أفهم ماذا حدث رغم الدعم الهائل من الرئيس في بداية عملي”.وتحدث توفيق عن أزمة الاقتصاد المصري قائلاً “المشكلة الكبيرة في مصر تكمن فأن الدولة أو الحكومة أو النظام في مصر لا يزال يعتقد خطأً أنه هو المخطط الجيد والعقل المدبر للاقتصاد في مصر وهو التاجر والصانع والمسوق الجيد”، مضيفاً “بناء على هذا المعتقد فإنه لزاماً على الجميع أن يوافق على خطوات المخطط، بل ويصفق لها من دون نقاش”، قائلاً “على الجميع أن يقولوا آمين”.تراجع الاستثمار إلى 20 في المئةوأشار توفيق إلى أن “هذا إلى جانب إصرار الدولة على مزاحمة القطاع الخاص ومنافسة أصحاب المهنية والأعمال الأصليين أصحاب الخبرة في كثير من الصناعات القطاعات، إذ أن المعلومات تؤكد أن حجم الاستثمار المباشر في مصر هبط من 70 في المئة في الفترة التي سبقت ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 إلى أقل من 20 في المئة في الوقت الحالي”، موضحاً “هذا يعني أن أصحاب الأعمال والمهنة والخبرة ابتعدوا كثيراً عن الصناعات بعد أن تغولت الدولة وتدخلت أكثر في النشاط الاقتصادي ومزاحمة المستثمرين في القطاعات الاقتصادية زراعياً وتجارياً وصناعياً”.استنهاض همة الشعبوأكد وزير قطاع الأعمال الأسبق أن “الدولة لا يمكن أن تدار بهذه الطريقة على الإطلاق، ولكي تنهض الدولة من عثرتها، فلا بد من استنهاض همم الشعب وتحفيز أصحاب الأعمال والمصنعين والمستثمرين في القطاع الخاص”، مستدركاً هنا لا أقصد “حيتان الاستثمارات، فهؤلاء لا يزيد عددهم على 500 مستثمر، بل أتحدث عن أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة والورش الصغيرة، فألمانيا صاحبة أقوى اقتصاد أوروبي لم تحقق طفرة إلا بعد الارتكاز علي القطاع الخاص وخروج حكومتها من النشاط الاقتصادي”، لافتاً إلى أنه “على سبيل المثال في ألمانيا يوجد نحو خمسة ملايين ورشة ومشروع صغير يعمل بكل ورشة ما لا يقل عن 20 عاملاً، يعملون تحت قيادة الاتحادات الأهلية (اتحادات من القطاع الخاص تتمتع باستقلالية) بعيداً من يد الدولة، إذ إن تلك الورش والمشروعات والاتحادات مجموعة من التروس تعمل جنباً إلى جنب بصورة متوازية نجحت في جر وسحب الاقتصاد الألماني إلى أعلى لتحقق معدلات نمو قوية جعلت من برلين أقوى اقتصاد في القارة الأوروبية”.حلم التجربة الألمانيةوتابع توفيق “عندما زار الرئيس عبد الفتاح السيسي ألمانيا في عام 2015 ليتابع عن قرب آلية عمل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة كنت سعيداً للغاية، إذ اعتقدت آنذاك أننا بدأنا نسير في الطريق الصحيح باستنساخ التجربة الألمانية في القطاع الخاص”، مستدركاً “لكن للأسف لم يحدث ذلك، ولم نستنسخ ولم نطبق شيئاً، وكل ما فعلناه تأسيس وحدة صغيرة داخل كل الوزارات ولم تحقق أي شيء ولن تحقق شيئاً، إذ إن من يدير تلك الوحدة الدولة أيضاً”.فرض الضرائب والرسوموأشار توفيق إلى أن “الدولة أهملت ولا تزال المشروعات الصغيرة، وتعتبرها مصدراً حيوياً للجباية وجمع الضرائب وفرض الرسوم بصورة غير مسبوقة يومياً”، لافتاً إلى أن “الحكومة تعتقد أن الجميع سيستجيب في ظل هذا النظام الجبائي…! وأنا أقول لها لن يحدث أن يستجيب الجميع، وهنا قد يسلك صاحب المشروع الصغير ثلاثة طرق، فإما أن يرفض الدفع ويكون متهرباً أو يتوقف تماماً عن النشاط ويغلق مشروعه أو يعمل بصورة غير قانونية أو غير رسمية داخل الاقتصاد الموازي، وفي الطرق الثلاث خسارة لخزائن الدولة، وهنا قد يربح صاحب المشروع إذا عمل في الظل، ولكن الخسارة الكبرى للدولة، وإذا لم تتوقف الحكومة عن العمل بهذه الطريقة والأسلوب لن ينهض الاقتصاد المصري من عثرته على الإطلاق”.المعتقدات الخاطئةوأضاف توفيق “لكي يستعيد الاقتصاد المصري عافيته فعلى الدولة التوقف عن نظام الجباية والضرائب غير الطبيعية وفرض الرسوم يومياً بصورة غير مسبوقة”، قائلاً “على سبيل المثال، قررت أن أستقل القطار الجديد الذي شغلته الدولة من محطة مصر في وسط القاهرة، وعند وصولي إلى المحطة فوجئت بضرورة سداد 25 جنيهاً (0.81 دولار) لترك السيارة في الجراج، ولكي أتمم حجز التذكرة دفعت ثلاثة جنيهات أخرى، وهذا يعني أن المواطن دفع سيدفع 28 جنيهاً (0.91 دولار) قبل أن يستقل القطار، بل قبل أن يشتري تذكرة الركوب”، متسائلاً “هل يعقل أن يحدث هذا في مرفق السكك الحديد، الذي تديره الدولة؟”.وأكد توفيق “الدولة ليست أجدر من أهل المهنة الأصليين في إدارة الاقتصاد والاستثمار، ويبقى دورها مكافحة الفساد فقط، إن وجد في الاتحادات الأهلية وبذلك تكبر الصناعات وتزيد المنتجات مما يؤهل الدولة لزيادة صادراتها إلى الخارج مما يوفر مليارات الدولارات”.تصفية “الحديد والصلب” أصعب قراروحول قرار تصفية شركة “الحديد والصلب”، قال توفيق، إن “اتخاذ قرار بتصفية شركة عريقة من الحقبة الناصرية كان قراراً صعباً للغاية استمر لمدة سنة كاملة”، مستدركاً “لكن الحل الأمثل في تلك الحالة هي المصارحة والمكاشفة”، موضحاً أن “الأرقام والتقارير لا تكذب، وكانت الشركة لا يمكن أن تستمر في تحقيق الخسائر التي تتحملها موازنة الدولة من دون تحقيق عوائد، خصوصاً بعد استنفاد محاولات الإصلاح والتطوير بالجهود الذاتية تارة وبالتعاون مع مستثمرين تارة أخرى، ومهدت لذلك في وسائل الإعلام المختلفة، وكان لا بد من اتخاذ القرار، وعرض على الرئيس الذي وافق على قرار التصفية، وطلب التنفيذ الفوري، ولكنني أجلت لحين استنفاد كل المحاولات”.وحول الهجوم الشرس الذي تعرض له بعد تصفية “الحديد والصلب”، قال “كان هناك أصحاب مصالح في جهات عدة منهم إعلاميون وبرلمانيون ومستثمرون يدافعون باستماته لعدم تصفية الشركة، إذ إن لهم مصالح اعتادوا عليها لعشرات السنين مع استمرار الشركة على رغم تحقيق الخسائر، وهؤلاء واجهتهم وحاربتهم بكل قوة”، مضيفاً “حتى الآن نفس تلك الأبواق تتحدث عن خصخصة شركة الحديد والصلب، وهذا لم يحدث على الإطلاق”.الدولة منتج رديءوحول أهمية استمرار شركات قطاع الأعمال العام في مصر خصوصاً في ظل مزاعم بعض المحللين أنها أصبحت عبئاً على الدولة ولا تدر ربحاً أو عائداً لصالح المواطن، قال توفيق إن “لشرح ذلك سنعود إلى الخمسينيات بداية تاريخ شركات قطاع الأعمال العام، عندما أممت (بقرار التأميم في عام 1956) الدولة أكثر من 200 شركة وأخذتها من أصحابها، ثم أضافت عليها شركات جديدة أسستها الدولة في ما بعد”، مشيراً إلى أنه “بصورة عامة الدولة مدير رديء ومنتج سيئ والموظف الحكومي ليس أحسن من يتابع أموال المساهم أو المستثمر”، مستدركاً “أساس الإدارة عند القطاع الخاص فحسب”، مضيفاً أن “محاولاتنا كوزراء خلال السنوات الأخيرة كانت لإنقاذ ما ورثناه من تركة ثقيلة، ومن بين تلك المحاولات إصدار القانون رقم 203 لسنة 1991 بهدف إخراج الشركات العامة من إدارة الدولة للعمل بعقلية القطاع الخاص”، مستدركاً “لكن للأسف صدر هذا القانون مرقعاً (يقصد أنه كان ناقصاً أو معيباً) ونجحت في تعديله بعد 30 سنة في 2020 حتى أستطيع تغيير عقلية الإدارة”.وحول خوف الرأي العام في مصر بصورة دائمة دخول القطاع الخاص والمستثمرين في المشروعات العامة للدولة، قال وزير قطاع الأعمال الأسبق “لدي تجربة شخصية بخصوص هذا الموضوع، ففي عام 1996 كنت شاهداً على إحدى تجارب الخصخصة في ألمانيا صاحبة الاقتصاد الأكبر في أوروبا، إذ…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر “إقرأ على الموقع الرسمي” أدناه

زر الذهاب إلى الأعلى