تكنولوجيا

هل تستعيد الدراما السورية رونقها القديم المفقود في رمضان 2024؟

هل تستعيد الدراما السورية رونقها القديم المفقود في رمضان 2024؟

لأعوام طويلة عانت الدراما السورية من تقلبات وظروف قاسية كادت أن تفقدها بريقها وسحرها الأخاذ الذي خلبت به ألباب العالم العربي وجعلها واحدة من أفضل أنواع الدراما.الظروف القاسية التي مرت بها البلاد انعكست بالقطع على الدراما، فالفن في النهاية أصدق انعكاس لواقعه وتراجعت مكانة الدراما السورية كثيراً، حتى ظن كثيرون أنها النهاية وأن الدراما السورية أصبحت شيئاً من الزمن الغابر لكن ومنذ العامين الماضيين لاحظ المشاهدون وجود نهضة حقيقية للدراما السورية.
ظهرت بعض الأعمال السورية المبشرة بعافية مستعادة بعد طول تراجع، أعمال نجحت في أن تتصدر قوائم المشاهدة في أكثر من بلد إضافة إلى ترندات وسائل التواصل الاجتماعي كـ “كسر عضم” الذي شغل العالم العربي بقصته القوية الجريئة و”الزند ذئب العاصي” العمل الذي ترسخت أغنية المقدمة الخاصة به في عقل وقلب كل من شاهده.الأمر الذي أثلج قلوب كل عشاقها بالتأكيد لكن ومع هذا لا يمكن لنا إنكار دور الدراما المشتركة في هذا التعافي، فهذه الأعمال كانت الملجأ لأهل الفن وأتاحت فرصة قوية لصناع البلدين الشقيقين لدعم بعضهما فنياً وتقديم أعمال قوية جدلية كـ “النار بالنار” الذي خلق حالة جدل واسع بسبب جرأة القضية التي استعرضها.لقد كان تطور الدراما السورية واضحاً بحق، وفي هذا العام كان التطور أكثر وضوحاً فحتى قبل بداية الموسم الرمضاني استطاعت بعض الأعمال السورية والمشتركة لفت أنظار المشاهدين ونجحت منذ عرض أولى حلقاتها في استقطاب اهتمام جماهيري قوي.واليوم نتساءل في “”.. هل استعادت الدراما السورية رونقها القديم؟ ما هي أوجه التطور التي طرأت على الدراما السورية والمشتركة هذا العام؟قصة متجددة وحكايات جذابة تعد القصة أول وأهم عوامل العمل الفني أياً كان نوعه، فهي صلة الوصل الأساسية بين بقية العوامل والمصدر الذي تتفرع منه خيوط الحبكة كما أنها عامل الجذب الأول للمشاهد.كانت القصة هي البطل الحقيقي لأعمال هذا العام، حيث إنها كانت قصصاً متجددة غير المطروقة ولم تقدم مئات المرات من قبل.فأولاد بديعة كان حكاية عن صراع الأخوة الدموي بين مختار الدباغ الابن الشرعي لكبير صناعة الدباغة عارف الدباغ وبين ولاد بديعة سكر اللقيطة التي لا تعرف لها أباً وشاهين وياسين التوأم الذي أنجبته بديعة المشردة شبه البكماء من عارف الدباغ.منذ أول حلقة نجح العمل في جذب المشاهد إلى قصته التي احتوت كل ما يمكن لأي مشاهد طلبه دراما مؤلمة واقعية مؤسفة وبالطبع انقسام زمني جعل المتابع فضولياً لمعرفة ما الذي أوصل الأحداث إلى هنا، تسير قصة ولاد بديعة بسلاسة حقيقية فنرى الماضي والحاضر بشكل متواز.ونرى الصراع المرير بين الأشقاء مختار الذي يرى نفسه الوريث الشرعي الوحيد لعارف وبين ولاد بديعة الذين عانوا الأمرين في طفولتهم يتصاعد شيئاً فشيئاً مع تقدم الأحداث المثيرة، فيما كانت قصة مسلسل تاج أكثر تجدداً وتنوعاً فهي تدور في فترة زمنية قتلتها أعمال البيئة الشامية قتلاً لكن الذكاء الحقيقي تجسد في طريقة تقديم القصة.فنرى قصة تاج الدين الحمال الملاكم القوي الزوج والأب الذي تنقلب حياته رأساً على عقب بعد اتهامه بالخيانة والتعامل مع الفرنسيين فيتعين على تاج محاولة لملمة شتات حياته وإثبات براءته من التهمة القذرة التي أوقعه فيها خصمه اللدود الخياط رياض بك عميل الفرنسيين المتخفي.استطاع العمل تقديم قصة مثيرة قوية تجذب المشاهد بشكل فوري بطريقة تختلف تماماً عن كل الأعمال الأخرى التي تناولت ذات الحقبة الزمنية، لقد كانت حكاية تاج هي حكاية عن الحب الذي لا يموت والإخلاص لوطن تحبه مهما قسى عليك.قدمت الحكاية ببراعة وجهد واضح برتم قوي متسارع يجعلنا متشوقين لنعرف ما الذي سيحدث بعد هذا هل سينجو تاج بسمعته ويستعيد حياته وشرفه؟ أمًا ع أمل فقد اتخذ منحى مختلفاً وكان حكاية عن الحياة بعد الموت فدارت أحداثه حول يسار الإعلامية التلفزيونية الحسناء الناجحة والقوية التي جعلت من منبرها الإعلامي صوتاً للواتي لا صوت لهن لكل امرأة معنفة مكسورة.لكن وتحت كل قوة وعنفوان يسار يختفي ماض أليم قاس كشفته لنا الحلقات رويداً رويداً برتم قوي متصاعد، تتنقل الأحداث ببراعة بين عالمين متناقضين عالم يسار الثري المريح وعالم الضيعة حيث تعيش مجموعة من النساء تحت السلطة الكاسحة التي لا ترحم لرجل قاس هو سيف الذي يرى في النساء مشروع زواج وإنجاب لا أكثر.لقد قدم ع أمل قصة جريئة غير المطروقة واستطاع جذب المشاهد إليه منذ اللقطة الأولى موضحاً أنه منافس قوي في السباق الرمضاني المزدحم بأعمال قوية بالفعل وأنه مختلف عن كل ما سبق تقديمه في عالم الدراما المشتركة من قبل.لقد احتوى كل عمل من الأعمال الثلاثة التي ذكرناها قصة قوية مؤثرة لم تتطرق الدراما إليها قبلاً بهذا الشكل وقدمها بطريقة تلائم أصعب الأذواق وبأسلوب قادر على جعلنا متحفزين بشدة لمعرفة ما سيحدث كأبرز تطور طرأ على الدراما السورية خاصة.فلفترة طويلة بقيت الدراما السورية حبيسة قصص مملة مكررة أو بعيدة للغاية عن الواقع، لكن ومما نراه الآن لم يعد موضوع القصة مصدر قلق بعد اليوم، لقد أصبحت الدراما السورية والمشتركة قادرة على سحرنا منذ أول حلقة بقصص غير المكررة ولم تقدم آلاف المرات من قبل.طرح جريء لقضايا اجتماعية وتاريخية إن الفرق الأساسي بين القصة والمسلسل أو الفيلم هو المعالجة الدرامية أي طريقة الكتابة التي تجعل المشاهد مشدوداً للعمل منسجماً مع أحداثه لكن ما يميز العمل ويجعله وبحق قوياً هو ما يعرف بالـ Plot Twist أو التواء الحبكة أي المنعطف القوي الذي ينقل الأحداث إلى مستوى مختلف تماماً.ورغم أن تبني العمل لقضية معينة ليس شرطاً ضرورياً إلا أن وجودها يعكس صدقاً وأصالة ويضفي عليه عمقاً عاطفياً وإنسانياً فكانت معاناة النساء قضية أساسية لمسلسل ع أمل الذي تبناها منذ الحلقة الأولى بوضوح تام فتناولت أحداثه قضية ملّحة تعاني منها المجتمعات المحافظة حتى يومنا هذا.إنها جرائم الشرف التي تحتمي بالقانون وتسمح بقتل مئات النساء كل عام بلا رادع أو رقيب، فعن طريق ربط خيوط القصة المنقسمة بين عالمين متنافرين استطاع ع أمل توضيح أنواع مختلفة من معاناة النساء كالقيود المجتمعية التي تضعهن ضمن تصنيفات وقوالب ظالمة فلو لم تتزوج فهي عانس ولو لم تنجب فهي عاقر.أمًا لو كانت امرأة صلبة قوية فهي بلا أي شك امرأة وقحة ينبغي كتم صوتها، كانت الحبكة الدرامية أفضل ما في المسلسل فقد سارت أحداثه برتم سريع متصاعد تعرفنا فيه على يسار المرأة القوية مناصرة النساء وذات المنبر الإعلامي المسخّر لأجلهن وعلى ريّا الفتاة الطموحة التي تدرس في الجامعة بدون علم أهلها ولتحقيق طموحها.هذا تتزوج بهارون حبيب أختها كطريقة مضمونة لتحقيق حلمها والحفاظ عليه لأجل شقيقتها الصغرى هديل، كان عالم ريا وهديل عالماً مختلفاً بالكامل عن عالم يسار فهما تعيشان تحت سلطة كاسحة لا ترحم لأبيهما سيف الذي يسيطر بيد من حديد على كافة أفراد عائلته.ومع تقدم الأحداث يبدأ المسلسل بكشف أسراره الصادمة بالتواءات قوية في حبكته فنكتشف أن فرح صديقة يسار الصغيرة هي ابنتها كما تكشف لنا الأحداث أن يسار تخفي تحت قوتها وصلابتها سراً أخطر من كل الإشاعات التي نالت منها فيسار كانت ضحية جريمة شرف وشقيقها الذي حاول قتلها هو سيف نفسه والد ريا وهديل الذي لا يبدو أنه يعلم أن أخته ما زالت حية.أمًا أكبر الصدمات حتى الآن فكان حقيقة أن يسار هي أم لابنتين لا لواحدة التواءات كثيرة تمتعت بها حبكة المسلسل والتي قدمت بطريقة قوية بارعة تجعل مشاهدته متعة حقيقية، أمًا ولاد بديعة فقد اتخذ منحى آخر وكان تقديم الأحداث مشوقاً بحق حيث أن أحداثه تسير في خطين زمنيين الماضي والحاضر تبدأ الحلقة دومًا باستعراض الماضي الخاص بالشخصيات.وفجأة وفي ذروة الأحداث نجد أنفسنا أصبحنا في الحاضر ليتركنا العمل في حيرة ماذا حدث في الماضي كي يكون الحاضر بكل هذه القسوة؟ تسير حبكة ولاد بديعة بسلاسة حقيقية فالأحداث ليست سريعة وليست بطيئة لكنها متلاحقة قوية تنجح في ربط الزمنين بخيط يزداد قوة مع كل حلقة.فرأينا كيف عاش أولاد بديعة المسكينة على هامش الحياة تحت رحمة عارف الدباغ الذي لا يجرؤ ولا يرغب في إعلان أبوته للتوأم ياسين وشاهين فيكتفي بإطعامهم من فتات مائدته لا أكثر.لكن في الحاضر أصبح أولاد بديعة شديدي الثراء ونال شاهين شرف وراثة أبيه واسمه فيما خسر مختار أكثر مما يظهره الأمر الذي يجعلنا شديدي الحماسة لمعرفة السر الذي جعل ولاد بديعة يرثون عارف عوضاً عن أخيهم وسبب موت بديعة في حبكة بارعة تنسج وببطء حكاية مؤلمة عن الصراع بين الأخوة والاستغلال القذر من الإنسان لأخيه الإنسان.وبالطبع الطبقية وتأثير ماضي الإنسان على حاضره، كل هذا جعل من ولاد بديعة عملاً قوياً يستحق المشاهدة بدون أي شك، أمًا تاج فقد عاد بنا في الزمن إلى الأربعينات لكنها ليست أربعينات مسلسلات البيئة الشامية التي لا يمل صناعها من تكرار نفس الحبكة مرة تلو مرة بدون تغيير ملموس إلا في أسماء الشخصيات.حبكة تاج خارجة من قصص الأبطال الذين وضعوا أرواحهم على أكفهم لأجل الاستقلال، فنرى كيف انقلبت حياة تاج رأساً على عقب في لحظة لأنه فقط أراد حماية رفيقه من العسكر فوجد نفسه مفلساً متهماً بالخيانة خاسراً لعائلته ولحب حياته.ترتكز حبكة تاج على نوعين رئيسيين من الصراع بين تاج ورياض بك الذي ألبس تاج تهمة العمالة، رغم أنه هو الخائن الذي لا يرى غضاضة في منح الفرنسيين معلومات حساسة عن أهل بلده والصراع السوري الفرنسي الذي عرضه العمل بطريقة تختلف تماماً عن كل التدليس الذي أتخمتنا به الأعمال الأخرى.ففي عالم تاج لا يوجد مختار وحارة وحلاق بخبرات طبية تفوق الواقع إنما هو صراع بين عاشقي الحرية ومحتل مصرّ على أنه يعرف مصلحة البلد أكثر من أبنائه!لقد نجح العمل في استعراض الأجواء السياسية والاجتماعية لسوريا في تلك الحقبة الزمنية المضطربة بشدة ووضح الخريطة السياسية للعالم في ذلك الزمن فكانت أحداثه خارجة من عوالم الجواسيس المثير الذي أعاد لأذهاننا مسلسل رأفت الهجان الشهير بكل التشويق والإثارة والتوتر الذي حملته.كما أظهر ثواراً ومناضلين من نوع مختلف إنهم الشبان المثقفون الطامحون لرؤية وطنهم حراً مستقلاً صراع دامٍ استعرضه المسلسل بوتيرة متسارعة تجعلك تلهث خلف الأحداث متشوقاً لترى ما الذي سيحصل الآن.لقد كان تاج مختلفاً أكثر واقعية ودقة واستطاع أن يعرض الشام في أوج عزها بكافة تفاصيلها خاصة الترام الشهير الذي كان حلقة وصل في العاصمة ومصدر فخرها.لا شك أن تاج كان البلسم الشافي لكل من أراد أن يرى سوريا الأربعينات كما هي لا كما يرغب الآخرون في تخيله وهو ما نجح العمل في تقديمه بطريقة تترافق مع حبكة جذابة ذكية تسير بوتيرة متصاعدة تدمج التاريخ بالحب بالقوة مع بعض لمسات الكوميديا التي تضيف رونقاً مميزاً بلا أي شك.إن الحبكة هي طريقة رواية القصة وهي عامل أساسي في أي عمل درامي أو كوميدي أو حتى تاريخي وبما أن الفن انعكاس لواقعه فإن وجود أعمال تسلط الضوء على قضايا شائكة وحقائق لم تعرض من قبل هو أمر يسعد قلوبنا بالتأكيد.خاصة أن الدراما السورية في أيامها الذهبية تفننت في عرض قضايا اجتماعية مصيرية محاولة تسليط الضوء عليها قدر الإمكان وقد كانت الحبكة أكثر تطورًا لاحظه المشاهدون الذين تاقوا بحق لعمل يرضي شغفهم وفضولهم بشكل حقيقي.شخصيات جدلية تعد الشخصيات العماد الذي تقوم عليه القصة، فمهما كانت قصة العمل جذابة مثيرة فإن الشخصيات القوية المتجددة هي تلك التي ينسجم معها المشاهد ويتأثر بها متفاعلاً مع كل ما يطرأ عليها وفي الأعمال الفنية لا تكتمل الشخصية إلا بوجود ممثل متمكن موهوب قادر على نقلها إلى الحياة واقناع المشاهد بها مهما كانت شريرة أو خبيثة أو حتى طيبة.الممثل هو الأساس هنا والذي ينبغي عليه وبشكل دائم أن يطور من نفسه وموهبته وأن يتحدى نفسه مراراً وتكراراً خاصة لو أنه نجح في شخصية معينة فعندها ينبغي عليه الإنسلاخ عن القديم وبذل كل ما بوسع موهبته لإقناع المشاهدين بشخصيته الجديدة.في حال كنت تظن الأمر سهلاً فتذكر أن نصف ممثلي السيت كوم الأمريكي الشهير Friends لا يزالون أسرى شخصياتهم التي قدموها لعقد كامل ولم ينجحوا في الخروج منها على الإطلاق، فهذا الأمر يتطلب من الممثل جهداً جباراً وموهبة قادرة على تقمص أي دور وبالطبع شخصية قوية مكتوبة بدقة وحرفية.كان أبرز ما في ولاد بديعة هو الشخصيات التي لم يسبق لها مثيل فالقصة والحبكة في أساسها ترتكز على الصراع بين أربعة أخوة فرقهم المال والظلم.ومنذ أول حلقة نجح كل منهم في جذب اهتمام المشاهد بشكل شبه فوري ذلك بفضل التقديم المتقن المعقد للشخصية والذي ترافق مع أداء تمثيلي استثنائي من كافة طاقم العمل فجسدت الرائعة سلافة معمار دور سكر ابنة بديعة التي لا تعرف لها أباً.تعود سلافة للوقوف أمام كاميرا المخرجة رشا شريتجي بعد غياب 14 عاماً طويلة في ولاد بديعة خلعت سلافة ثوب الدكتورة أسيل حداد الذي أمتعتنا به لتسعين حلقة في مسلسل الخائن المعرب.فعلى عكس أسيل المهذبة الأرستقراطية كانت سكر ابنة شوارع طفلة مشردة عاشت طويلاً على هامش الحياة ووجدت فرصتها الذهبية في العالم السفلي في الديسكو والرقص.إن كل من يعرف سلافة معمار يعرف موهبتها الفذة وحضورها القوي المميز لكن سكر كان دوراً مختلفاً بحق وقد استطاعت سلافة إذهالنا بتقمصها لهذه الشخصية المعقدة الغريبة التي يصعب حقاً ألا تحبها وتشفق عليها والسبب يعود إلى إتقان بناء الشخصية…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر “إقرأ على الموقع الرسمي” أدناه

زر الذهاب إلى الأعلى