تكنولوجيا

في اليوم العالمي للتوحد: دراسات تشير لعلاجات جديدة تمنحنا الأمل في الشفاء

في اليوم العالمي للتوحد: دراسات تشير لعلاجات جديدة تمنحنا الأمل في الشفاء

تتباينُ قدراتُ الأشخاصِ المصابين بالتوحُّد واحتياجاتهم، ويمكن أن تتطوَّر مع مرورِ الوقت، إذ قد يتمكَّنُ بعض المصابين بهذا المرضِ من التمتُّع بحياةٍ مستقلَّةٍ، في حين يعاني آخرون من إعاقاتٍ، ويحتاجون إلى الرعايةِ والدعمِ مدى الحياة. وغالباً ما يؤثِّرُ التوحُّد في التعليمِ وفرصِ العمل، كذلك قد يزدادُ عبء تقديمِ الرعايةِ والدعمِ على كاهل الأسر. من جانب آخر، تمنحنا الدراسات والأبحاث التي تقوم بها الجهات المختصة أملًا جديداً بالتعافي، وإيجاد بصيصِ أملٍ للشفاءِ التامِّ من التوحّدِ.. «سيدتي» في اليوم العالمي للتوحّد، تلتقي بالمختصّين في مجالِ التوحّد، وتعرِضُ آخرَ الدّراساتِ التي توصَّلَ إليها العلمُ.بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine
جدة | يسرا فيصل Yosra Faisalألين كرم: نعتمد علاج الـ ABA الأول في العالم العربي ألين كرمبدايةً، أشارت لـ «سيدتي» ألين كرم، رئيسةُ الجمعيَّة اللبنانيَّة للتوحُّد Lebanese Autism Society، إلى أنّ السيدة أروى الأمين حلاوي، رئيسةُ الجمعيَّة السابقة، التي توفيت قبل عامٍ، استطاعت التعرُّفَ على عددٍ من الأمهاتِ اللاتي عِشن التجربة ذاتها، واختبرن التحدِّياتِ نفسها التي واجهتها إثرَ تشخيصِ ابنِها باضطراب التوحُّد، وعن ذلك قالت: «جمعت المحنةُ المشتركةُ هؤلاء الأمهاتِ، وتحوَّلت لقاءاتهنّ إلى منصَّةٍ لتبادلِ التجارب، والبوحِ بالهواجسِ والمخاوفِ التي راودتهنّ في مختلفِ المراحل، بدءاً بالإنكارِ، مروراً بالكآبةِ، ووصولاً إلى مرحلةِ التصالحِ مع حالة أبنائهن. وإيماناً منهنّ بأنّ الكشفَ عن اختلاجاتِ النفس، يريحُ الإنسانَ، ويزيلُ نصفَ الهمومِ عن كاهله، تعاونت الأمّهاتُ مع متخصِّصين لإنشاء جمعيةٍ، تُعنى بحالة التوحُّد، فأبصرت الجمعيَّةُ اللبنانيَّةُ للتوحُّد النورَ في مارس من العام 1999 من أجل توفيرِ الدعمِ والخدماتِ للأطفال المصابين بالتوحُّد، ونشرِ التوعيةِ حول المشكلاتِ المرتبطة بهذا الاضطراب، والطريقةِ المثلى لمقاربتها».وذكرت: «تضمُّ الجمعيَّةُ اليوم 69 تلميذاً، و30 مربياً متخصِّصاً في فرعيها، وتقومُ رسالتنا على الدفاعِ عن حقوقِ الأشخاصِ الذين يعانون من التوحُّد، وتأمينِ أفضل برامجِ الدمجِ الاجتماعي والمهني لهم، وعليه ينخرطُ كلُّ تلميذٍ لدينا في نمطِ الحياةِ الدراسيَّة الاعتياديَّة، ويستفيدُ من جلساتٍ في العلاجِ النفسي الحركي، وعلاجِ النطق، كما يرافقه إلى الصفِّ مرافقُ الدمجِ الذي يساعده في القيام بنشاطاتٍ محدَّدةٍ وتعديلها حسب قدراته». مضيفةً: «عام 2023، تخرَّج أوَّلُ تلميذٍ عندنا في الصفِّ الثالثِ الثانوي، وتوجَّه إلى الجامعةِ، وتخصَّص في إدارةِ الأعمال»، لافتةً إلى أن «الجمعيَّة تهدفُ إلى دمجِ الشبابِ في الحياةِ الاجتماعيَّة والمهنيَّة، وتدريبهم ليصبحوا أعضاءً فاعلين في المجتمعِ، كلٌّ حسب قدراته وطاقاته، كما نقدِّمُ برنامجَ تأهيلٍ تربوياً فردياً، يستهدفُ إكسابهم مهاراتٍ معرفيَّةً أكاديميَّةً واجتماعيَّةً».وحول تعريفِ المرضِ، أجابت كرم: «التوحُّد اضطرابٌ في النموِّ، يعيقُ الطفلَ عن التعبيرِ والتواصلِ الاجتماعي مع محيطه، وتظهرُ عوارضه في الأعوامِ الثلاثةِ الأولى نتيجةَ اضطرابٍ في الجهازِ العصبي، ما يؤثِّرُ في العملِ الطبيعي للدماغ، إضافةً إلى العواملِ الجينيَّة والبيئيَّة. والتوحُّد درجاتٌ، ويمكنُ أن تختلفَ عوارضه من طفلٍ لآخر، وتتراوحُ درجاته بين الخفيفِ والمتوسطِ والشديد». مبينةً أن «الجمعيَّة، وهي الوحيدةُ في العالم العربي، تدرِّبُ موظفيها على برامجَ مُعتمدةٍ، تُعنى بشؤونِ التوحُّد مثل ABA Therapy، وهو علاجٌ لسلوكياتِ مريضِ التوحُّد، وآخرُ ما توصَّل إليه العلمُ في هذا المجال».وأوضحت كرم، أن «تحليل السلوكِ التطبيقي، أو الـ ABA، هو النهجُ الرائدُ لتحسين التأخُّر في النموِّ المرتبطِ بالتوحُّد، ومن المحتملِ أن يؤدّي العلاجُ به إلى تحسينِ نوعيَّةِ حياةِ الطفل، ومساعدته في الوصول إلى إمكاناته الكاملة».وعن أسبابِ الإصابةِ بالمرض، أفادت بأن «السبب الأساس وراء الإصابةِ بالتوحُّدِ، وهو خللٌ على مستوى التواصلِ الاجتماعي والتفاعلِ مع المحيطِ والآخرين، لا يزالُ مجهولاً حتى اليوم، لكنَّ العواملَ، التي يُعتقدُ أنها تعزِّزُ ظهورَ عوارضه، ترتبطُ ببعض التشوُّهاتِ الجينيَّة، أو التأثيراتِ البيئيَّة التي تعيقُ الوظيفةَ الطبيعيَّةَ للدماغ».وأضافت كرم: «تتنوَّعُ حالاتُ التوحُّد، وقد تتراوحُ الأعراضُ بين الخفيفةِ والخطيرةِ، أمَّا المصابون، فيختلفون بشكلٍ كبيرٍ من حيث الشخصيَّة والقدرات، لكنَّ العوارضَ التي يتمُّ ملاحظتها فيهم، تشملُ سلوكياتٍ نمطيَّةً ومتكرِّرةً، والتأخُّرَ في النطق، وضعفَ اللغة، إضافةً إلى العزلةِ عن المحيطِ والنشاطاتِ الاجتماعيَّة، مع مقاومةٍ شديدةٍ للمس، وتجنُّب النظرِ إلى الآخرين، وغيرها الكثير».وتطرَّقت إلى جانبٍ مهمٍّ، وهو الشفاءُ من المرضِب القول: «لا يمكنُ الشفاءُ نهائياً من اضطراب التوحُّد، لكنْ يمكنُ تحقيقُ خطواتٍ كبيرةٍ في التخفيفِ والسيطرةِ على حدَّته، وتعليم الشخصِ الذي يعاني منه بعض المهاراتِ الأساسيَّة التي تمكِّنه من الاعتمادِ على نفسه، وتحقيقِ نوعٍ من الاستقلاليَّة إذا ما تمَّ التشخيصُ والتدخُّلُ مبكراً».وكشفت عن أن «الجمعيَّة نظَّمت معرضاً فريداً من نوعه بالتعاونِ مع منصَّةِ Kreative Call أو النداء الإبداعي، للمرَّةِ الأولى في لبنان والشرق الأوسط، وسلَّطت الضوءَ على مواهبِ فنانين مبدعين من ذوي الاحتياجات الخاصَّة، وساعدتهم في الاندماجِ أكثر بالمجتمع، وتعزيزِ قدراتهم الإبداعيَّة في الرسمِ والنحت».وقالت كرم: «نفَّذنا في النداء الإبداعي كثيراً من ورشِ العملِ بمختلفِ المناطق اللبنانيَّة مع فنانين من أصحابِ الهممِ تحت إشراف معلِّمي فنونٍ وفنانين مشهورين، وأثمرت هذه الورشُ عن أعمالٍ فنيَّةٍ رائعةٍ وممتازةٍ، حفَّزتنا على تنظيمِ معرضٍ يحتويها لتأمين مردودٍ مالي للمصابين بالتوحُّد، يساعدهم قليلاً في الاعتمادِ على أنفسهم، والعيشِ من عائداتِ أعمالهم الفنيَّة التي باتت موجودةً في عددٍ من الدولِ مثل الإمارات العربيَّة المتحدة».وشدَّدت على أنه «من المهمِّ تشخيصُ التوحُّد في مرحلةٍ مبكِّرةٍ من أجل تخفيفِ الأعراض، وتحسينِ جودةِ الحياةِ للمريض وعائلته، وقد ثبت أنه مع التشخيصِ المبكِّر، يمكنُ أن يحدثَ تحسُّنٌ كبيرٌ في الأعراضِ المرافقة للمرض»، وذكرت «يعاني مريض التوحُّد من مشكلاتٍ في الكلامِ والتواصلِ الاجتماعي، وغالباً ما تصبحُ الأعراضُ أقلَّ حدَّةً في الكبر، لكنَّ المريضَ يظلّ في حاجةٍ للدعم والعناية، خاصَّةً أن احتياجاته قد تتبدَّلُ مع تقدُّمه في السنّ، وتغيُّر شدّة الأعراض، ومن المفيدِ أن نعرفَ، أنه لا يوجدُ علاجٌ دوائي للمرض، لذا يستمرُّ التوحُّد مدى الحياة».زينة بستاني: التدخُّل المبكِّر أفضل فرصةٍ لدعم التنمية الصحيَّةزينة بستانيمن جهتها، تحدَّثت زينة بستاني، مديرةُ الجمعيَّة اللبنانيَّة للتوحُّد، عن البرامجِ والنشاطاتِ التي يقدِّمونها بالقول: «تحقيقاً لمهمتها، تحرصُ الجمعيَّةُ اللبنانيَّةُ للتوحُّد منذ تأسيسها على تصميمِ برامجَ، ترتكزُ على تحسينِ مهاراتِ التواصل والتفاعل الاجتماعي، والمهاراتِ الإدراكيَّةِ للطفل الذي يعاني من التوحُّد بغية تسهيلِ دمجه وانخراطه في المحيطِ الاجتماعي والتربوي الطبيعي». مضيفةً: «تقومُ الجمعيَّة حالياً بتلبيةِ حاجاتِ الأطفال الذين يعانون من التوحُّد من خلال مشروعِ CCA، الذي يتمُّ تطبيقه بمدرسةِ القلب الأقدس في الجميزة، وهو عبارةٌ عن صفوفٍ متخصِّصةٍ، تقدِّمُ برنامجاً فردياً، يتناسبُ مع الاحتياجاتِ والقدراتِ الخاصَّةِ بكلِّ طفلٍ بمساعدة فريقٍ متعدِّدِ الاختصاص، يشملُ اختصاصيين في علاجِ النطق، والعلاجِ النفسي الحركي، والتربيةِ التقويميَّة، إضافةً إلى مدرِّسي ظلٍّ، مهمتهم متابعةُ التلاميذ الذين يعانون من التوحُّد داخل الصفِّ، ومساعدتهم على المشاركةِ في النشاطات، والانخراطِ جزئياً أو كلياً في نمطِ الحياةِ الدراسيَّة الاعتياديَّة».وذكرت: «تنظِّمُ الجمعيَّةُ أيضاً مجموعاتِ دعمٍ شهريَّةً لتعزيزِ التواصلِ بين الأهل، ومساعدتهم على تقبُّل حالةِ أبنائهم، كما تُعنى بتدريب جمعياتِ توحُّدٍ محليَّةٍ وإقليميَّةٍ، وتحرصُ على إقامة ندواتٍ ومؤتمراتٍ، تتناولُ هذا الاضطرابَ وسُبل مقاربته».وعن إحصاءاتِ المصابين، أجابت بستاني: «يعاني طفلٌ من كل 100 طفلٍ من التوحُّد، وتتباين قدراتُ الأشخاصِ المصابين به واحتياجاتهم، ويمكنُ أن تتطوَّر مع مرورِ الوقت، وقد يتمكَّن بعض المصابين بالتوحُّد من التمتُّع بحياةٍ مستقلَّةٍ»، مضيفةً: «يمكنُ أن تحسِّن التدخُّلاتُ النفسيَّةُ والاجتماعيَّةُ مهاراتِ التواصلِ والسلوكِ الاجتماعي، إلى جانبِ تأثيرها الإيجابي في صحةِ المصابين بالتوحُّد، والحالةِ النفسيَّة للقائمين على رعايتهم، ونوعيَّة حياتهم. ومن الضروري، أن تكون الرعايةُ التي تستهدف المصابين بالمرض مصحوبةً بإجراءاتٍ اجتماعيَّةٍ ومجتمعيَّةٍ لمزيدٍ من التيسير والشمول والدعم».وذكرت مديرةُ الجمعيَّة، أن «تقرير الأممِ المتحدةِ في اليوم العالمي للتوحُّد 2023، بيَّن أن التوحُّد حالةٌ عصبيَّةٌ، تظهرُ خلال مرحلةِ الطفولة المبكِّرة، وتستمرُّ مدى الحياةِ بغضِّ النظرِ عن الجنسِ، أو العرقِ، أو الحالتَين الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، ويتمُّ الاحتفالُ به في جميعِ أنحاءِ العالم خلال شهر أبريل من كلِّ عامٍ، إذ تجتمعُ منظّماتُ التوحُّد معاً من أجل إجراءِ الأبحاثِ، والتشخيصات، والعلاج لأولئك الذين لديهم مسارُ نموٍّ متأثرٌ بالتوحُّد». مضيفةً: «وفقاً لمنظمةِ الصحة العالميَّة، يشكِّلُ اضطرابُ طيف التوحُّد مجموعةً متنوِّعةً من الحالاتِ المتعلِّقة بتطوُّر الدماغ، وغالباً ما يعاني المصابون بالمرضِ من حالاتٍ متزامنةٍ، بما في ذلك الصرعُ، والاكتئابُ، والقلقُ، واضطرابُ نقص الانتباه، وفرطُ النشاط، إضافةً إلى سلوكياتٍ صعبةٍ مثل صعوبةِ النوم، وإيذاءِ النفس، كذلك يختلفُ مستوى الأداء الفكري بين…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر “إقرأ على الموقع الرسمي” أدناه

زر الذهاب إلى الأعلى