لتفادي التخوين أو تسهيل مهمتهم.. هل يلعب العرب مع إسرائيل؟ وكيف يرسم التاريخ طريق محاصرتها رياضيا؟

لتفادي التخوين أو تسهيل مهمتهم.. هل يلعب العرب مع إسرائيل؟ وكيف يرسم التاريخ طريق محاصرتها رياضيا؟
تخيل أن تقطع نصف ساعة إلى وجهتك، تقضيها تفكر في مدخل لتحقيق صحفي تنوي كتابته، وما أن تصل، فتقابل الموقف الأمثل ليكون بداية كتابتكدخلت المقهى المحبب إلى قلبي. مكان هادئ لا يرتاده الناس كثيرًا، ومناسب جدًا لأكتب. هناك تمامًا أحب الكتابة كلما أتيحت لي الفرصة، لكن هذه المرة كانت مختلفةمختلفة لأنني جئت هذه المرة لكتابة هذا التحقيق، إذ أعتبرها مساهمة بسيطة في محاولة تضييق الخناق على دولة تشن عدوانًا غاشمًا معتادًا على شعب عربي أعزل بمباركة غربية، فلربما تجد كلماتي صداها ويُعمل بهاالتحقيق المنشود عن مواجهة محتملة للعرب ضد الكيان الصهيوني في أولمبياد باريس. FilGoal.com حقق في كل الاتجاهات. كل الأطراف تحدثوا لنا، ورصدنا التاريخ للاستدلال على المستقبل المتوقع، ثم جاء وقت الصياغة، فإليكم ما قابلنا، وما رصدنارٌب صدفة خير من ألف ميعادفور ما دخلت، قابلت رجلًا يزور المقهى لأول مرة، رجل في العقد السابع أو الثامن من عمره كما يبدو من ظهره المنحني، وصوته الخافق، مرتديًا ملابس بسيطة وحزام متهالك. كنا في السادسة إلا الربع مساًء والشاشة تعرض لقاء مانشستر سيتي مع بورنموث، حين طلب الرجل من النادل أن يأتي بالمباريات المصرية (يقصد الدوري المصري). فجاوبه بأن مباراة الأهلي بعد ساعة وربع، وسنأتي بها حين يحين الموعد، فكان رد الرجل (إحنا مالنا يابني بالأجنبي، هاتلنا المصري)ابتسمت للعجوز وجلست لأبدأ الكتابة، لكنه بدأ الحديث معي. سألني “أنت بتلعب رياضة؟ فأجبته بـ نعم أحيانًا ولكني صحفي رياضي. فاستمر في حديثه. أخرج هاتفه القديم وأطلعني على صور قديمة، يمارس فيها رياضة القفز بالزانة في النادي الأهلي حسبما قال، وإنه كان بطلًا للجمهورية في يوم من الأيامابتسمت وجلست مرة أخرى، لكنه سرعان ما جاء مجددًا إلى طاولتي. أطلعني على صور جديدة أثناء تأديته للخدمة العسكرية. قال إنه شارك في حرب أكتوبر رفقة توأمه وكلاهما مهندسين، وساهما في إسقاط 13 طائرة إسرائيلية. تفاخر أمامي بإصبعه المبتور نصفه، وبقايا شظية إسرائيلية تبقى أثارها في جبينه، قبل أن يعود إلى طاولته مجددًا، وقد أريته ابتسامة أعرض على شفتاي هذه المرةثوان قليلة قبل أن يعود مجددًا ليريني صورًا جديدة من حياته. صور يحصل فيها على تكريم من الرئيس الراحل محمد أنور السادات وغيرها فابتسمت له وشكرته وأخبرته بأن ليس عليه القيام، فإن أردت سآتي لك أنادقائق قبل أن يأتيني للمرة الرابعة، وهذه المرة ممسكًا إيصالًا بنكيًا، ويطلب مني قراءة رصيده المتبقي. فجاوبته “34 جنيهًا”، ليبتسم لي هو هذه المرة بهداوة، ويعود ليكمل الشاي الذي طلبهسألت نفسي هنا، هل هي رسالة قدرية قبل أن أكتب تحقيقًا عن العلاقات العربية-الإسرائيلية في الرياضة؟ أم هي مجرد صدفة ولا دخل لما يلي من موضوع بما سبق؟ على كل حال عاد الرجل إلى طاولته وتابع مباراة الأهلي أمام المقاولون وتفاعل مع الأهدافمع مرور الوقت، رأيته يعيد حواره السابق معي عن الحرب، لكن هذه المرة مع فتاة تجلس رفقة والدتها. تيقنت حينها بأن هذا فقط ما تبقى لهذا البطل، ويا له من رصيد أكبر وأشرف كثيرًا من أي رصيد بنكي، وإن امتلأ بأموال الدنياتلك كانت ظروف الكتابة، وعذرًا على الإطالة. فقط أحببت توثيقها في التحقيق ذاته الذي نويت كتابته، حتى وإن رأيتم إنها -محشورة- أو لا علاقة لها بموضوعنابين اتهام التطبيع ورواية “تسهيل مهمتهم”نفس العدو الذي أجهز عليه بطلنا العجوز السبعيني، والذي احتفظ في جبينه ببقايا شظية يفتخر بها إلى اليوم، هو نفسه العدو الصهيوني الذي يغتال أحلام الأطفال الفلسطينيين الآن في غزة، وهو نفسه الذي قد يضطر العرب لملاقاته رياضيًا بعد عدة أشهر في أولمبياد باريس 2024في كل مرة توقع القرعة رياضيًا عربيًا أمام آخر ينتمي للكيان الصهيوني، يكون الرياضي العربي أمام أحد الخيارين الصعبينإما رفض خوض المباراة لتوصيل رسالة برفض اللعب مع ممثل للمحتل الغاصب، وهو ما يعني التضحية بحلمه الرياضي أحيانًا، أو أن يقرر خوض المواجهة، وهنا سيكون فريسة لهجوم شرس إذا خسر، ومتهمًا بالتطبيع حتى لو فازوإليكم قائمة بأبرز محطات الصراع العربي-الإسرائيلي الرياضية:- في 1992 رفض لاعب الجودو الجزائري مزيان دحماني المشاركة أمام لاعب إسرائيلي في بطولة العالم، وفي نفس العام تكرر الأمر ذاته مع لاعب إسرائيلي أيضا في أولمبياد برشلونة وانسحب كذلك- في 2003 رفض لاعب الجودو الجزائري عمر رباحي، نزال لاعب إسرائيلي وقع أمامه في قرعة بطولة العالم- في 2003 رفض أحمد حسن القائد التاريخي لمنتخب مصر إتمام انتقاله إلى جالاتاسراي بسبب تعاقدهم مع حاييم بن ريفيفو اللاعب الإسرائيلي- في 2009 رفض مروان الشماخ النجم المغربي، مرافقة فريقه بوردو إلى إسرائيل لمقابلة مكابي حيفا في دوري أبطال أوروبا- في 2011 انسحبت المصارعة الجزائرية مريم بن موسى، من بطولة العالم بعد أن أوقعتها القرعة مع لاعبة إسرائيلية، وفي نفس البطولة، رفضت المبارزة التونسية عزة بسباس، لعب المباراة النهائية مع نظيرتها الإسرائيلية نعوم مريتس- في 2012، أعلن منتخب مصر للهوكي، رفضه اللعب ضد إسرائيل في بطولة العالم للهوكي التي أقيمت في أورجواي- في 2012، انسحب عوض الحربي لاعب تنس الطاولة الكويتي من نصف نهائي بطولة رومانيا المفتوحة لذوي الإعاقة كي لا يواجه جيفا ليران الإسرائيلي- في 2016، كشف عزمي مجاهد المتحدث الرسمي باسم الاتحاد المصري لكرة القدم مفاجأة كبيرة قائلا: “إسرائيل أرسلت خطابا رسميا إلى مصر في 2010 لخوض مباراة ودية معنا ورفضنا طبعا، وكرروا الأمر قبل أيام ورفضنا كذلك”- في 2019، انسحبت الملاكمة التونسية ميساء العباسي من البطولة الدولية للملاكمة لتفادي مواجهة لاعبة إسرائيليةفي المقابل يوجد قائمة بمن واجهوا خصوما إسرائيليين، سواء فازوا أو خسروا- في 2012 انتصر رمضان درويش لاعب الجودو المصري على لاعب إسرائيلي في نصف نهائي بطولة العالم ورفض مصافحته- في 2013، لعبت المصارعة المصرية إيناس يوسف مع الإسرائيلية إليانا كارتيش، خلال بطولة جولدن جراند بيري، وانتصرت اللاعبة المصرية- في 2013، سافر محمد صلاح إلى تل أبيب رفقة بازل السويسري وسجل صلاح وانتصر بازل. ورفض صلاح مصافحة اللاعبين الإسرائيليين وسجد لله شكرا بعد الهدف، قبل أن يلتقط صورة عند المسجد الأقصى- محمد النني خاض 5 مباريات أمام فرق إسرائيلية حينما كان لاعبا في بازل كذلك- في 2016، لعب إسلام الشهابي أمام لاعب إسرائيلي في أولمبياد ريو دي جانيرو، وخسر الشهابي ثم رفض مصافحة خصمه- في 2020، لعبت التونسية أٌنس جابر رفقة زميلتها شيراز البشري تحت اسم منتخب تونس في مسابقة الزوجي لكأس العالم للتنس في فنلندا ضد منتخب إسرائيل، وفازت تونس- في 2021، انتصر عماد أشرف لاعب المصارعة المصري على لاعب إسرائيلي في دور الـ16 من بطولة العالم للشباب وزن 77 كج في روسيا- في 2021، فاز منتخب مصر لكرة السلة 3×3 على إسرائيل في بطولة العالم ورفضوا مصافحتهم- في 2022، انتصر أحمد السيد لاعب السلاح المصري على منافسه الإسرائيلي يوناتان كوهين في بطولة العالم للسلام بالقاهرة وبنتيجة 15-12- في 2022، حقق المصريان، إسلام الجيزاوي، وشريف كمال، ذهبية وفضية بطولة العالم للكاراتيه في سلوفينيا، فيما حقق لاعب إسرائيلي الميدالية البرونزية. ليحتفل اللاعبان المصريان برفع علم فلسطين على المنصة سويا، ويبقى اللاعب الإسرائيلي وحده في مكان المركز الثالث رافعا علم الكيان الصهيوني_ _ _مقاطعة إسرائيل في الألعاب الرياضية ظاهرة مكررة ومرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي ودعم القضية الفلسطينية، إذ يمتنع اللاعبون العرب على الأغلب، بل وبعض المنتمين إلى الدول الإسلامية وحتى الأجنبية من اللعب والمنافسة مع الرياضيين الإسرائيليين، ويرى أنصار هذا التوجه أن الرياضة التي تُمارس في إسرائيل لا يمكن اعتبارها مجرد رياضة، بل هي أداة تستعملها السلطات الإسرائيلية لتحقيق أهدافها السياسية والأيديولوجية، التي كان وما زال التمييز ضد أصحاب الأرض من الفلسطينيين أبرز مظاهرها وتجلياتهاوعلى غرار السيناريوهات السابقة، سنكون في موقف سخيف محتمل في الصيف المقبل، حينما يشارك المنتخب الأولمبي المصري رفقة منتخبات عربية أخرى في منافسات كرة القدم بـ أولمبياد باريس 2024كيف ستكون المواجهة المحتملة؟تأهلت مصر والمغرب بجانب مالي إلى منافسات كرة القدم في أولمبياد باريس بشكل رسمي عن قارة إفريقياوفي أوروبا، تأهل الكيان الصهيوني إلى المنافسات للمرة الثالثة تاريخيًا، ولأول مرة منذ عام 1976كأس أمم آسيا تحت 23 سنة والمؤهلة للأولمبياد ستقام في شهر مايو المقبل -قبل الأولمبياد بشهرين فقط-، وبين المشاركين فيها منتخبات قطر، والسعودية، والعراق، والأردن، والإمارات، والكويتيتأهل أصحاب المراكز الثلاثة الأوائل إلى الأولمبياد مباشرة، على أن يلعب صاحب المركز الرابع مباراة فاصلة مع غينيا رابع قارة إفريقيا لحسم التأهلفي وجود مصر والمغرب، فإن تأهل منتخب عربي أو اثنين من عرب آسيا، سيعني حتمية وقوع أحد المنتخبات العربية مع الكيان الصهيوني بنفس المجموعة على الأغلب في الأولمبياد. القرعة ستقام في شهر أبريل المقبل، أي قبل حتى تحديد المتأهلين عن قارة آسياFilGoal.com تواصل مع كل الأطراف. قرأ التاريخ وحلله، محاولين قراءة الموقف قبل حدوثه، وفي محاولة للوصول إلى حل ربما يجنبنا هذا السيناريو من الأساس، وإليكم التفاصيلماذا سيحدث وماذا حدث من قبل؟قبل عدة أشهر، كان يفترض لـ كأس العالم تحت 20 سنة أن يقام في إندونيسيا لأول مرة في تاريخ البلد الشرق آسيوي المسلمإسرائيل تأهلت للبطولة، وبعد مظاهرات حاشدة في البلاد رافضة لاستضافة المنتخب الصهيوني، أخطرت اللجنة المنظمة، الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” برفض استضافة إسرائيل خلال البطولةموقع IraqiNews الناطق بالإنجليزية نشر خبرًا بتاريخ 26 مارس 2023 وهو نفس تاريخ تأجيل قرعة البطولة لأجل غير مسمى، كان مفاده “ألغى فيفا قرعة كأس العالم تحت 20 سنة بعد طلب مقدم من الاتحادين العراقي، والإندونيسي برفض اللعب أمام إسرائيل”فيفا قرر نقل البطولة من إندونيسيا إلى الأرجنتين، وأجريت القرعة بمشاركة إسرائيل والعراق، وفي غياب إندونيسيا، ولكن العراق لم يقع رفقة الكيان الصهيوني بنفس المجموعةهنا ذهبنا إلى اللجنة الأولمبية العراقية وسألنا: هل تقدم الاتحاد العراقي بطلب حينها فعلًا إلى فيفا لتجنيبكم اللعب أمام إسرائيل في البطولة؟مصدر من اللجنة الأولمبية العراقية قال لـFilGoal.com: “لا، هذا لم يحدث. لم يتقدم الاتحاد العراقي لكرة القدم بأي طلب مثل هذا، ولكن الاتحاد الإندونيسي هو من تقدم بهذا الطلب وعلى إثره نقلت البطولة إلى الأرجنتين”وأضاف “عدم وقوعنا بنفس المجموعة مع الكيان الصهيوني كان محض صدفة”كان السؤال الثاني هو، إذن فهل ستلعبون بشكل طبيعي أمام إسرائيل إذا تأهل العراق إلى أولمبياد باريس في كرة القدم، وأوقعتكم القرعة رفقة الكيان الصهيوني؟رد المصدر من اللجنة الأولمبية العراقية كان حاسمًا في هذا الصدد، فقال باللهجة العراقية: “أستطيع أن أؤكد لك إننا لن نلعب مع إسرائيل. الكيان الصهيوني عفوا، لأن ماكو إسرائيل، نحن لا نعترف بدولة تدعى إسرائيل”هكذا كان الرد العراقي، فماذا عن مصر التي تأهلت فعلا إلى الأولمبياد؟توجهنا إلى وزارة الشباب والرياضة المصرية، وتحديدًا عبر محمد الشاذلي المتحدث الرسمي باسم الوزارةسألنا نفس السؤال، هل ستلعب مصر ضد إسرائيل إذا أوقعت القرعة الفريقين بنفس المجموعة؟وكان رد وزارة الرياضة المصرية لـFilGoal.com: “نعم، بالتأكيد سنلعب المباراة. دائما نشجع لاعبينا على اللعب والفوز ليرفعوا على مصر على حساب علم الكيان الصهيوني”وأضاف “في النهاية حين تنسحب، لا أحد في العالم يعرف سبب الانسحاب ولا تصل الرسالة، ولا يلحظ أحد أن مصر أو أي دولة عربية أخرى قد انسحبت أساسًا، لكن تُسهّل فقط مهمة الخصم في التأهل للمرحلة التالية وتخسر فرصتك في التنافس رياضيًا”الشاذلي أكمل “لذلك نشجع اللاعبين دائمًا على خوض غمار المنافسات الرياضية، وأن يكونوا فيها أكثر تركيزًا وحماسًا وقوة لتحقيق الفوز أكثر من أي مباراة أخرى، بل على العكس أتمنى أن نواجههم وأن أشاهد هذه المباراة كمشجع مصري، حينها سأكون واثقًا أن لاعبينا سيصبحوا 11 مقاتلًا وليس مجرد 11 لاعبًا، يحاولون تحقيق النصر ولكن في مجالهم الرياضي”FilGoal.com لم يكتف برأي وزارة الشباب والرياضة، فتوجه إلى اللاعبين أنفسهمأحمد عيد القائد الثالث في صفوف منتخب مصر الأولمبي، ولاعب النادي المصري لم يكن على علم بتأهل إسرائيل إلى البطولة وانزعج بشدة حين سمع الخبروفور علمه وردًا على سؤال هل سيلعب المباراة إن حكم الأمر، قال أحمد عيد لـFilGoal.com: “لن ألعب المباراة أصلًا إن حدث ذلك”ولكن ماذا لو كان القرار الرسمي هو خوض المباراة؟ قال عيد عن ذلك “لن ألعب أيضًا. هذا موقفي الواضح”رأي محمد مغربي لاعب سموحة المعار من الأهلي كان…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر “إقرأ على الموقع الرسمي” أدناه